إعلان

الروهينجا.. الفرار من الموت إلى الموت!

09:42 م الإثنين 09 يوليو 2018

مأساة مسلمي ميانمار تُعجز المجتمع الدولي عن إيجاد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

ما زال الروهينجا الذين نزحوا من بلادهم هربًا من بطش السلطات البورمية التي ذاقوا على أيديها الويلات من قتل وحرق وتعذيب واغتصاب يعيشون معاناة ومآسي، ولكن هذه المرة على أرض غير أرضهم التي وجدوا فيها كل سبب للفرار؛ أملًا في الرحيل إلى أراضٍ أكثر أمنًا. وتشير الأرقام إلى أن زهاء 700.000 روهينجي لجأوا إلى بنجلاديش بدءًا من أغسطس 2017 فضلًا عن 300.000 آخرين اضطروا إلى اللجوء قبل هذا التاريخ على مراحل للأسباب ذاتها خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وكأن الروهينجا كُتبت عليهم المعاناة، فقد طالبت السلطات البنجلاديشية من بورما استعادة اللاجئين، وفي الوقت ذاته فإن السلطات البورمية ترى أن الروهينجا هم في الأساس مهاجرون غير شرعيين ولا ينبغي منحهم أي حق من حقوق المواطنة بما في ذلك الحصول على الجنسية البورمية.

امتدت معاناة الروهينجا إلى مخيمات اللاجئين في جنوبب بنجلاديش، إذ أفادت التقارير الإخبارية بوقوع العديد من حوادث القتل غير المفهومة في المخيمات مما بث الرعب في قلوب مئات الآلاف من اللاجئين، إذ تعرض 19 شخصًا، بعضهم من قادة المجتمع، للقتل في المخيمات منذ بداية الأزمة الأخيرة في أغسطس الماضي. وأعلنت شرطة بنجلاديش عن تنفيذها عددًا من الاعتقالات ضمن إجراءات التحقيق في حوادث القتل هذه، ولكن الدوافع والأسباب المؤدية إلى مثل هذه الجرائم عادة لا يُتوصل إليها من خلال التحقيقات. وتشير الشهادات إلى أن هذه الحوادث غالبًا ما ترتكبها عصابات من الرجال الذي يحملون أسلحة نارية وسكاكين وعصي وتحدث في الظلام على الرغم من تأمين الجيش للمخيمات في أوقات النهار، إلا أن وجود رجال الشرطة في المساء يكون محدودًا. ودفعت هذه الجرائم "إقبال حسين"، قائد الشرطة في مدينة كوكس بازار الساحلية، إلى الإعلان عن أنه تم تشكيل قوة خاصة ضمت 2400 رجل لحراسة المخيمات. وقال مسؤول آخر بارز بالشرطة وهو "أفروجول حق توتول" إن أعداد أفراد الشرطة تزداد وأن لدينا ألف شرطي الآن لتولي شؤون مليون شخص.

فضلًا عن هذه الجرائم المرتكبة في حق الروهينجا في جنح الظلام، فإن الوضع الإنساني في مخيمات اللاجئين ينذر بكارثة إنسانية وذلك بعد هطول الأمطار الموسمية بغزارة وتدفقها إلى مخيمات اللاجئين حاملة معها العديد من الأمراض والأوبئة، علمًا بأن المخيمات تفتقر إلى المرافق الصحية الأساسية مع نقص المياه النظيفة الصالحة للشرب، وقد بدأت بالفعل بعض الأمراض بالتفشي بين اللاجئين ولا سيما الأطفال، ويُشير المراقبون إلى أن كل هذه المعطيات ربما تؤدي إلى وقوع كارثة صحية كبيرة وأن الأمر بات وشيكًا.

إن انفراج أزمة الروهينجا لا يبدو وشيكًا مع استمرار الأوضاع الراهنة وتدفق اللاجئين من ميانمار، فقد صرح الأمير زيد بن رعد الحسين، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأن مسلمي الروهينجا لا يزالون يفرون من ولاية راخين بميانمار بشكل مطرد، بعد أن تعرض الكثيرون منهم لأعمال العنف والاضطهاد وقتل ذويهم وإحراق بيوتهم وقراهم ضمن ممارسات التطهير العرقي، وقال الحسين إن عدد الروهينجا الذين نزحوا إلى بنغلاديش هذا العام بلغ عددهم 11432.

وتُشير تقارير إلى أن السلطات في ميانمار تمارس ضغوطًا كبيرة على من يعودون من لاجئي الروهينجا لقبول بطاقة تحقيق الهوية الوطنية والذي ينص على أنهم بحاجة إلى التقدم للحصول على الجنسية وحقوق المواطنة. إن أزمة الروهينجا هي واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية عبر التاريخ، فبين دولة عاشوا فيها لقرون وتنكر انتماءهم إليها، ودولة أخرى لجأوا إليها منذ عقود ولكنها تطالب الأولى باستردادهم، لا يزال مسلمو الروهينجا بين شقي رحى، ولابد من تكاتف الأطراف المعنية للعمل على إيجاد مخرج من هذه المعضلة وإنقاذ مئات الآلاف من الأروح من خطر الإبادة.

* نقلا عن مرصد الأزهر - وحدة رصد اللغة الإنجليزية

فيديو قد يعجبك: