إعلان

علي جمعة يكشف حقائق "قد تذهل الكثيرين"‏ حول عدالة الإسلام في المواريث

02:17 م الثلاثاء 11 ديسمبر 2018

الدكتور علي جمعة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - إيهاب زكريا:

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إننا نحن المسلمين نؤمن بثوابت راسخة عن صفات الله سبحانه ومنها صفته تعالى العدل فهو العدل المطلق، وليس في شرعه ظلم لبشر أو لأي أحد من خلقه‏: (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)، (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)، (إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)، وذلك رداً على ما يتردد كثيرا بين الحين والآخر من قول البعض‏:‏ إن الإسلام ظلم المرأة‏،‏ حيث جعل نصيبها في الميراث نصف نصيب الرجل.

وأضاف فضيلة المفتي السابق، في مقال على صفحته الشخصية على "فيسبوك" أنه باستقراء حالات ومسائل الميراث ينكشف للدارس المتعمق حقائق قد تذهل الكثيرين‏،‏ وتزيل اللبس عن المتشككين‏،‏ حيث يظهر‏:‏ أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه‏،‏ أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال‏،‏ في مقابل أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل‏،‏ تلك هي ثمرات استقراء حالات ومسائل الميراث‏.‏

وكتب جمعة: من لطائف القرآن في ميراث المرأة أنه ألمح إلى أن الناس سينظرون إلى ميراث المرأة تلك النظرة القاصرة فأجابهم بطريقة ضمنية تتفق وطبيعة المرأة من حيث الحياء واللطف‏،‏ وتنفي الظلم عن المرأة في الميراث فقال تعالى‏: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ) فكلمة (مِثْلُ‏)‏ وما بعدها تشير إلى أن حق الأنثى في الميراث أمر مقرر ومعروف كأنه الأصل‏،‏ فقال‏:‏ إذا عرف هذا الحق وذلك الأصل فعليكم أن تقيسوا حق الذكر عليه‏.‏

وأوضح المفتي السابق قائلاً: إذا كانت الفروق في أنصبة المواريث في الفقه الإسلامي‏،‏ فإن الأنصبة في المواريث لا تختلف طبقا للنوع‏،‏ وإنما تختلف باعتبار ثلاثة معايير أخرى‏:‏

الأول‏:‏ درجة القرابة بين الوارث والمورث‏:‏ ذكرا كان أو أنثى‏.‏

الثاني‏:‏ موقع الجيل الوارث‏:‏ فالأجيال التي تستقبل الحياة وتستعد لتحمل أعبائها عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها.‏‏

الثالث‏:‏ العبء المالي‏:‏ وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتا بين الذكر والأنثى‏:‏

ففي حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في العاملين الأولين ‏(‏درجة القرابة‏،‏ وموقع الجيل‏)‏ - مثل أولاد المتوفي‏،‏ ذكورا وإناثا- يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث‏،‏ ولذلك لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين‏،‏ وإنما حصره في هذه الحالة بالذات‏،‏ والحكمة في هذا التفاوت‏،‏ في هذه الحالة هي أن الذكر هنا مكلف بإعالة أنثى -هي زوجة- مع أولادهما‏،‏ بينما الأنثى الوارثة أخت الذكر إعالتها مع أولادها‏،‏ فريضة على الذكر المقترن بها‏.‏

فهي مع هذا النقص في ميراثها بالنسبة لأخيها الذي ورث ضعف ميراثها أكثر حظا وميزة منه في الميراث‏،‏ فميراثها -مع إعفائها من الإنفاق الواجب- هو ذمة مالية خالصة ومدخرة‏،‏ لتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات‏،‏ وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين‏،‏ وفي الوقت نفسه نجد الرجل مسؤولا ومكلفا بأعباء مالية‏،‏ منها‏:‏

1- عليه أن يدفع مهرا لمن يريد الزواج منها‏،‏ يقول تعالى‏: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ) والمهر التزام مالي يدفعه الرجل لا المرأة في بداية الحياة الزوجية‏.‏

2- يجب عليه بعد الزواج أن ينفق على المرأة‏،‏ وإن كانت تمتلك من الأموال ما لا يمتلكه هو‏،‏ لأن الإسلام ميزها وحفظ مالها‏،‏ ولم يوجب عليها أن تنفق منه‏.‏

3- أنه مكلف كذلك بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم‏،‏ حيث يقوم بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءا منه‏،‏ أو امتدادا له‏،‏ أو عاصبا من عصبته‏.‏

وأشار فضيلته إلى أن هذه الأسباب وغيرها تجعلنا ننظر إلى المال أو الثروة نظرة أكثر موضوعية‏،‏ وهي أن الثروة والمال أو الملك مفهوم أعم من مفهوم الدخل‏،‏ فالدخل هو المال الوارد إلى الثروة‏،‏ وليس هو نفس الثروة‏،‏ حيث تمثل الثروة المقدار المتبقي من الواردات والنفقات‏.‏

وبهذا الاعتبار نجد أن الإسلام أعطى المرأة نصف الرجل في الدخل الوارد، وكفل لها الاحتفاظ بهذا الدخل دون أن ينقص شيء سوى ما كان حقا لله كالزكاة‏،‏ أما الرجل فأعطاه الله الدخل الأكبر وطلب منه أن ينفق على زوجته وأبنائه ووالديه إن كبرا في السن‏،‏ وغيره‏،‏ مما يجعلنا نجزم أن الله فضل المرأة على الرجل في الثروة‏،‏ حيث كفل لها حفظ مالها‏،‏ ولم يطالبها بأي شكل من أشكال النفقات‏.‏

ولذلك حينما تتخلف قضية العبء المالي كما هو الحال في شأن توريث الأخوة والأخوات لأم‏،‏ نجد أن الشارع الحكيم قد سوى بين نصيب الذكر ونصيب الأنثى في الميراث‏،‏ قال تعالى‏: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ).‏

وتابع عضو هيئة كبار العلماء: فالتسوية هنا بين الذكور والإناث في الميراث‏،‏ لأن أصل توريثهم هنا الرحم‏،‏ وليسوا عصبة لمورثهم حتى يكون الرجل امتدادا له من دون المرأة‏،‏ فليست هناك مسؤوليات ولا أعباء تقع على كاهله بهذا الاعتبار‏.‏

فيديو قد يعجبك: