إعلان

وقفة مع إمام الدعاة

د ـ أماني محمد عودة

وقفة مع إمام الدعاة

10:35 م الإثنين 17 يونيو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

بقلم د ـ أماني محمد عودة

عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية

إمام الدعاة العلامَة المضيئة في تاريخ المفسرين... عبارة عَهِدتها المسامع وأقر بها القريب والبعيد، الكبير والصغير المتعلم والأمي... ولا نزال نبحث عن نموذجه الفريد، الذي خاطب قلوب البشر وعقولهم في آن واحد. فقد قرأ الواقع وترجم ما في بطون كتب السابقين بعبارات سهلة سلسة، مع فصاحته وقوة حجته التي خضع لها الموافق والمخالف، وتبحره في العلوم، فغزت كلماته القلوب وترسخت في العقول. فَقِهَ كلماتُه القاصي والداني، وخاطب جميع فئات المجتمع بمختلف طبقاته، في جميع أنحاء العالم، وبرع في توصيل المعلومة للناس، مازجًا بين القديم والجديد، فاجتمع الناس حوله بمختلف أعمارهم وتخصصاتهم بل وأفكارهم واتجاهاتهم، فنجد مجلسه عامرًا بالطلاب، والمعلمين، والمهندسين، والأطباء، والتجار، وأصحاب المهن، والمفكرين، وغيرهم، والعجيب أن الجميع يدرك معاني عباراته في آن واحد، فقد منحه الله مهارة الاقناع، فنجده يجول بخواطره ويرتقي بسامعيه، يأسر القلوب والعقول بفصاحته وقوة حجته وسلامة منطقه. جالت خواطره في أفئدة سامعيه فاستساغتها، واستقرت فيها استقرارًا أبديًا رغم كيد الكائدين، فلحديثه هيبة ووقار، ولصمته تدبر وإمعان، وإني لأعجب من زمان تسلق فيه القِصار بعقولهم القاصرة أسوار العلماء الحصينة فضلوا وأضلوا عن جهل بمناعة تلك الأسوار، التي تأيدت بتوفيق الله وعنايته وحمايته لأهل القرآن الذين هم أهله وخاصته، فقد صفعت محبة الناس له قلوب الحاقدين فأوجعتها، فصاحت ألسنتهم بين الحين والآخر تهذي هذيان من يتخبطه الشيطان من المس، ولو جلسوا على مائدة العلم لتعلموا شيئا من آدابه يتأدبون به في حديثهم عن العلماء، وكفاهم حينها أن يتعلموا أن يقولوا: (لا أدري) فإنه مما يؤخذ عن الشيوخ.

فما تكاد تتجدد ذكرى وفاته إلا ونجد موجة متجددة من رياح الحاقدين تقصده سرًا وعلنًا، لكنه سرعان ما تنشط الأقلام محبورة بمداد النصرة والتوفيق من الله، وتنطق الألسنة في استعادة مآثره الطيبة وفضائله الجمة لأجيال سارت على دربه، والتعريف به لأجيال جديدة قادمة، ولا ينال مثيروا تلك السخافات ضده سوى الخذلان، فيمكرون ويمكر الله بهم، وفي هذا المقام أتذكر قول الشاعر:

وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود

وقول الإمام الشافعي:

قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

وأختم مقالتي بكلمات للدكتور شوقي ضيف رئيس مجمع اللغة العربية السابق عن الشيخ الشعراوي قائلًا: "لقد أنار لنا الشيخ الشعراوي دروب الفهم، والتحليل، والتمنطق، والتفلسف، والاجتهاد؛ فاقتربنا أكثر من واحة القرآن، حتى كأنه كان يتنزل علينا بعد خمسة عشر قرنًا من نزوله، وأسعفنا بمقدرة المرء صاحب العقلية الراجحة الناقدة، والاستيعاب التام، والفهم العجيب والتذوق العالي، والكشف الروحاني؛ على مطارحة كبار علماء الأمة في مسائل العلم الشرعي، وغير الشرعي".

إعلان