إعلان

علي جمعة يوضح الفرق بين الحياة والموت في نظر نموذج المحبة ونموذج الكراهية

12:39 ص الأحد 14 أبريل 2019

علي جمعة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(مصراوي):

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن العمل المقصود في قوله تعالى {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} العمل هنا مأمور به وهو عبادة، والعمل هنا هو العمل الصالح والعمارة والتربية والتزكية التي يراقبها الله ويراقبها رسوله ويراقبها المؤمنون والصالحون.

وأضاف جمعة، عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، أن نموذج الكراهية فَيُرِى أتباعه الموت في سبيل الله أغلى الأماني وأسماها، وهذا على عكس ما كان يُرِي سيدنا رسول الله ﷺ أصحابه.

كَانَ في بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِى لَقِىَ فِيهَا الْعَدُوَّ يَنْتَظِرُ حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا).

وقَالَ النَّبِىُّ - ﷺ - (لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِى، وَتَوَفَّنِى إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِى).

وقال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}.

وكتب فضيلة المفتي السابق أنه على عكس المحجة البيضاء التي تركها لنا رسول الله ﷺ، يروّج أصحاب نموذج الكراهية لأتباعهم الموت مردفين إياه بـ (في سبيل الله). فيخوضون بهم حروبا لا تنقطع ضد كافة الخلق في كل مكان وتحت رايات عمية، وبدون هدف واضح ولا غاية قيمية ولا مقاصد شرعية مرعية، ولا دوافع من عقل أو منطق، فيشكلون بذلك نمطا من التفكير يردد مثل هذه العبارة فتؤثر في عقله وفي سلوكه، فلا يغدو إلا مفكرا في الموت ولا يرى راحة إلا فيه ويتعلق به تعلقا شديدا أكثر من الشرط الذي جعل للموت قيمة في ذاته وهو (في سبيل الله).

فترى هذا النمط من الناس يتحين الفرصة للصدام والتعادي مع الآخرين ويرغب في العنف، فهو الطريق الذي يقربه من الأمنية التي يرجوها وهي الموت في سبيل الله.

أما الموت فهو في نظر نموذج المحبة، وإن كان في سبيل الله وإن كان شهادة لصاحبه، فهو في حد ذاته ليس الأمنية التي يرجوها المسلم أو ينتظر الأجر عليها، ولكن يرى الشهادة حياةً وليست موتا، يراها حياة للشهيد عند ربه في جنة الخلد وحياة للأمة من بعده، وأن روحه التي قدمها فداء هي حياة وهبها لغيره من إخوانه وأبنائه، وأن النصر والعزة هي الأمنية، ولذلك قد ينال المرء أجر الشهيد وإن عاش ومات على سريره؛ وذلك أنه لم يجبن ولم يضن بنفسه في سبيل ربه.

وتابع جمعة: فحسب نموذج المحبة يحرص المسلم على الحياة ويحافظ عليها، ولا يكره لقاء الله أو يخاف من الموت في سبيله، فالحياة في سبيل الله أسمى أمانينا.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ قَالَ: (مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ).

يرغب في الحياة ولا يفتتن بها ويرغب في السلام مع الآخرين ويفرح به ولكنه لا يركن إليه فيضييع العدة والقوة.

فحياة المسلم فرصة لنشر الدين وتعليم الناس وتربية الأجيال وعمارة الدنيا، أما الموت فهو راحة لصاحبه وضياع لأجره وثوابه، فالرغبة في الموت هي رغبة في الهروب من مكابدة المشاق وتحمل الصعاب والعمل من أجل عمارة الدنيا ودعوة الخلق.

والإسلام قوة، قوي بحجته، قوي بوضوحه، قوي بالعقل والحكمة، قوي بالصدق والبرهان، والإسلام هو القوة التي تحرك المسلم وتنصره، ولكن يأخذه بقوة أي يتمسك به بقوة.

قال تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ }.

واكد فضيلة المفتي السابق أن الإسلام ليس في حاجة إلى قوة السلاح، فهو دين الاقتناع، يدعو إليه حسن الخلق، وينشره نجاح المسلم في دنياه.

والقوة والحرب والمصارعة تعطل حركة الدعوة، وانظر إلى المقارنة بين أعداد الخلق الذين دخلوا الإسلام قبل صلح الحديبية وبعده، تجد أن من دخل الإسلام وقت السلم أضعاف أضعاف من دخله وقت الحرب.

فيديو قد يعجبك: