إعلان

من بيت النبوة (3) .. السيدة فاطمة الزهراء "أمّ أبيها"

03:48 م السبت 03 نوفمبر 2018

السيدة فاطمة الزهراء

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

كتب – هاني ضوه :

في الحلقة الثالثة من سلسلة "من بيت النبوة" يواصل مصراوي التعرض لسير وتراجم شخصيات ارتبطت ببيت النبوة ونهلت من علوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأصبحوا نبراسًا يستضاء بهم.

واليوم يتعرض الحديث لسيرة طيبة عطرة لحبيبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وابنته القريبة إلى قلبه حتى إنها لقبت بـ "أم أبيها" فهي رضوان الله عليها بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قال عنها: "إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا". (رواه البخاري ومسلم).

أمها السيدة خديجة بنت خوليد أم المؤمنين وأولى زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأول من آمن به، كانت هي الملجأ والسند حين عز السند.

ولدت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها في العام الذي كانت قريش تعيد فيه بناء الكعبة المشرفة، وهو ما ذكره الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه "الإصابة في تمييز الصحابة": "ولدت فاطمة والكعبة تبنى والنبي ابن خمس وثلاثن سنة".

وفي يوم دخل العباس رضي الله عنه على الإمام علي بن أبي طالب وزوجته السيدة فاطمة – رضي الله عنهما – وأحدهما يقول للآخر: أينا أكبر؟ فقال العباس : ولدت يا علي قبل بناء قريش البيت بسنوات وولدت أنت يافاطمة وقريش كانت تبني البيت" ذكره ابن سعد في الطبقات.

وقد استبشر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمولدها وقال لزوجته خديجة: "يا خديجة إنها النسمة الطاهرة الميمونة، وأن الله تعالى سيجعل نسلي منها".

كانت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها تشبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مشيتها، وكان إذا رآها الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه وآله وسلم قادمة عليه هش وفرح وأجلسها في مكانه، وعن هذا تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: "أقبلت فاطمة تمشي كأنّ مشيتها مشي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال النبي: مرحبا بابنتي، ثم أجلسها عن يمنيه أو عن شماله ثم أسرّ إليها حديثا فبكت، فقلت لها:لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثا فضحكت، فقلت: ما رأيت اليوم فرحًا أقرب من حزن فسألتها عما قال فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله حتى قبض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسألتها، فقالت: أسر إليَّ أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرّة، وأنّه عارضني العام مرّتين ولا أراه إلا حضر أجلي وإنكِ أول أهل بيتي لحوقا بي فبكيت، فقال أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين فضحكت لذلك".

تزوجت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها من الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بعد غزوة أحد فكان منهما نسل النبي وأحفاده فأنجبا الإمام الحسين ثم الإمام الحسين سيدا شباب أهل الجنة ومنهما نسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا، والسيدة أم كلثوم والسيدة زينب عقيلة بني هاشم رضي الله عنهم أجمعين.

وذكر الإمام السيوطي في كتابه "إحياء المَيْت بفضائل أهل البيت" الكثير من فضائل السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وما جاء فيها من أحاديث، ومنها أن السيدة فاطمة هي سيدة نساء أهل الجنة لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الإمام أحمد: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، إلا ما كان من مريم ابنة عمران".

وفي الحديث الذي أخرجه الإمام الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة رضي الله عنها: "أن الله غير معذبك ولا ولدك".

ولعلو قدرها ولشدها حيائها رضي الله عنها فقد خصها الله سبحانه وتعالى بمنقبة يوم القيامة، فقد روى الإمام الحاكم في "المستدرك" وأبو نعيم بأنه يؤمر أهل الجنة بغض أبصارهم حتى تمر السيدة فاطمة على الصراطـ، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إذا كان يوم القيامة قيل: يا أهل الجمع، غضوا أبصاركم ونكسوا، فان فاطمة بنت محمد تجوز على الصراط إلى الجنة، فتمر، وعليها ريطتان خضراوان".

وتوفيت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنه وهي بنت تسع وعشرين سنة بعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقيل كانت قبل وفاتها فرحة مسرورة لعلمها باللحاق بأبيها الذي بشرها أن تكون أول أهل بيته لحوقاً به.

ويحكي د. محمد عبده يماني عن وفاتها فيقول إن خبر وفاتها سرى في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتمع الناس مقبلين إلى علي كرم الله وجهه وهو جالس، والحسن والحسين رضي الله عنهما بين يديه يبكيان، فبكى لبكائهما، والناس جالسون يسترجعون وينظرون أن تخرج الجنازة فيصلوا عليها، فخرج أبو ذر الغفاري، وقال: انصرفوا، فإن ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخر إخراجها هذه العشية، فقام الناس وانصرفوا.

وكانت وصية السيدة فاطموة السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها أن تدفن ليلاً بالبقيع، وحملت الزهراء رضي الله عنها إلى مثواها الأخير، في نعش صنعته لها أسماء بنت عميس رضي الله عنها بمواصفات خاصة، وذلك لشدة حيائها رضي الله عنها فقد استقبحت أن تحمل على الآلة الخشبية ويطرح عليها الثوب فيصفها، فكان نعشها عبارة عن سرير شدت جرائد النخيل على قوائمه، ثم غطي بثوب، فكانت السيدة فاطمة أو من حملت في نعش، وأول من لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهله.

حملت السيدة فاطمة الزهراء بين دموع العيون، وأحزان القلوب، وصلى عليها الإمام علي كرم الله وجهه، ونزل في قبرها، ثم وقف على حافة القبر يؤبنها بكلمات فأنشد قائلاً:

أرى علل الدنيـا علي كثيـرة *** وصاحبها حتى الممات عليـل

لكل اجتماع من خليلين فرقـة *** وكل الذي دون الفـراق قليل

وإن افتقادي فاطماً بعد أحمـد *** دليـل على ألا يـدوم خليـل

فيديو قد يعجبك: