إعلان

تقبيل يد الإمام الأكبر وتوقير أهل العلم

الدكتور احمد الطيب

تقبيل يد الإمام الأكبر وتوقير أهل العلم

05:00 م الثلاثاء 13 نوفمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

د. الهام محمد شاهين:

عضو هيئة تدريس بقسم العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر

في لقاء فضيلة الإمام الأكبر مع طلاب الثانوية الأزهرية من الأوائل وأثناء تكريمه لهم قام بعض الطلاب بتقبيل يد الإمام الأكبر، وهو عين ما حدث في العام الماضي عندما انتشرت تلك الصور على مواقع التواصل الاجتماعي , وأثارت حالة من الجدل وصلت إلى حد استياء وغضب بعض النشطاء والذين اعتبروا سماح الإمام لهم بتقبيل يده نوع من الإذلال لهؤلاء الطلبة ؛ بل تجاوز البعض منهم ليحكم على هذا الفعل بمخالفته للشريعة الإسلامية .

وفى نفس الوقت أظهر بعض العلماء تعجبهم من إفتاء الناس بغير علم واستهجن بعض الطلاب من الوافدين هذا الهجوم غير المبرر حتى ان آدم يونس رئيس برلمان الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر كتب على حسابه الشخصي على الفيس بوك يقول: " إذا كان تقبيل يد العالم الرباني الذي هو في مقام الأب وزيادة يثير جدلا فما هو الشيء الذي لا يثير الجدل في هذه الحياة؟ أهو الرقص والغناء؟ أم هو الفتوى بالتشريك والتبديع والتكفير بغير علم؟ عجيب أمركم يا أيها المتربصون بالدين من الداخل والخارج ".

ولأن تقبيل يد فضيلة الإمام من الأفعال التي يحرص عليها كثير من الناس منهم العلماء ومنهم القيادات أيضا من الكبار والصغار من داخل مصر وخارجها كما فعل الطلاب الإندونيسيين مع الإمام قبيل زيارته لإندونيسيا.

وكما قبل الشيخ عبد الله بن زايد رأس شيخ الأزهر وليس يده أمام وسائل الإعلام العالمية. تبجيلا وتوقيرا

ورغم عدم رضى الإمام عن تقبيل يده إلا انهم يعتبرون ذلك فيه نوع من التقدير والتبجيل والتوقير والاحترام الواجب لفضيلة الإمام، ولا يستطيع الإمام رفض هذا لأنه لا يأبى الكرامة إلا لئيم كما يقول ويشتهر عند العرب.

ومن هنا وجب علينا إلقاء الضوء على حكم الشرع في تقبيل اليد للإمام وللكبير في قومه ولغيره من أصناف الناس.

أولا قال النووي في روضة الطالبين: ولا يكره تقبيل اليد لزهد وعلم وكِبَرِ سِنّ.

وقال أيضا: وأما تقبيل اليد، فإن كان لزهد صاحب اليد وصلاحه أو علمه أو شرفه وصيانته ونحوه من الأمور الدينية فمستحب.

إذا فالعالم الزاهد الصالح يستحب تقبيل يده وقد فعل ذلك كثير من الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله بعض الصحابة مع غيرهم ومع آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولذا قالوا فالمستحب إذا لقي المسلم أن يصافحه ويتبسم في وجهه، وهذا هو الهدي المضطرد من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حرج على المسلم من تقبيل أيدي الصالحين وأهل العلم والتقى إذا كانت على وجه التقرب إلى الله تعالى؛ لما ثبت في الصحيح من حديث وفد عبد القيس قالوا: "لما قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله".

وقد روي ذلك من فعل عدد من الصحابة الكرام حيث قبَّل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي صلى الله عليه وسلم حين تاب الله عليهم، وقبَّل أبو عبيدة يد عمر حين قدم، وقبَّل زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخذ ابن عباس بركابه، وقبَّل علي بن أبي طالب يد العباس ورجله، قال النووي رحمه الله تعالى: تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يستحب.

ثانيا: تقبيل يد الإبنة والوالد فتلك من الأمور المباحة دليل ذلك عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: ما رأيت أحدا من خلق الله كان أشبه حديثا وكلاما برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه رحب بها، وقام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فرحبت به وقبلته.

ومذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله إباحة تقبيل اليد والرجل والرأس والجبهة والشفتين وبين العينين، ولكن كل ذلك إذا كان على وجه المبرة والإكرام، وأما إذا كان ذلك على وجه الشهوة فلا يجوز إلا في حق الزوجين.

ثالثا تقبيل يد الحاكم وصاحب الجاه والسلطان والغنى إذا كان لعدله وتقواه فمباح وإذا كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة، وقال أبو سعيد المتولي: لا يجوز وظاهره التحريم.

وقد ذهب الإمام مالك رحمه الله إلى كراهة تقبيل اليد مطلقا

وقال الأبهري: إنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظيم لمن فعل ذلك به، فأما إذا قبل إنسان يد إنسان أو وجهه أو شيئا من بدنه ما لم يكن عورة على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز.

أما في الموسوعات المعاصرة مثل ويكيبيديا فنجد أن الأمر لا يختلف كثيرا عما هو في الدين والشرع والعادات والتقاليد حيث ورد بالموسوعة "تقبيل اليد هي بادرة اجتماعية تدل على الاحترام والإعجاب، كما تُشير أيضاً إلى الوفاء والإخلاص. وفي حالات أخرى يُعتبر تقبيل اليد إشارة إلى الإذلال والعبودية.

يُعبّر تقبيل اليد على احترام الأنثى وإجلالها وتقديرها وهي عادة كان يقوم بها الرجال قديماً للسيدات خاصةً من النُبلاء، أما حالياً يقوم الرجل بتقبيل يد الانثى غالباً كتعبير عن الحب والرومنسية وأيضاً كوسيلة لنقل المشاعر. في تركيا واندونيسيا وبروناي والفلبين يكون تقبيل اليد إلى الأشخاص الكبار في السن وخاصة الأقارب كالوالدين والأجداد، ويكون أيضاً للمُعلمين".

ولم نسمع أن أحدا انتقد تقبيل يد الآباء في الكنيسة ولا النساء في الأماكن العامة ويعتبرون ذلك نوع من الاحترام والتقدير وهو عين السبب الذي من أجله يقبلون يد الإمام الأكبر ويزيد على ذلك أن من يقبل يده فهو يفعلها بسعادة حبا وكرامة.

إعلان