إعلان

التدليل الزائد للطفل وعلاقته بالسلوك المتطرف

محمد محمود حبيب

التدليل الزائد للطفل وعلاقته بالسلوك المتطرف

08:18 م الأربعاء 03 أبريل 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

بقلم- محمد محمود حبيب
باحث متخصص في تعديل السلوكيات المتطرفة

يؤمن كثير من الآباء والأمهات بضرورة تدليل أولادهم تدليلًا زائدًا؛ لأن أحد هؤلاء الوالدين أو كلاهما كان محرومًا وهو صغير من بعض الأشياء؛ فيريد أن يعوض ذلك في أولاده، أو بسبب انفصال أو وفاة أحد الوالدين فيقوم الطرف الآخر أو الجد والجدة بتدليله تدليلًا زائدًا حتى لا يكون مقصرًا في حق الأطفال أو تدليل أصغر الأطفال لأنه آخر العنقود، وهذا الاعتقاد ناتج عن قلة الوعي والإدراك ويساهم في صناعة الفشل واستبداد الطفل بمن حوله عندما يكبر ولا يخفى على أحد ارتباط ذلك بمظاهر السلوكيات المتطرفة، بل من أشدها تطرفًا.
وعلاقة الدلال الزائد بالسلوكيات المتطرفة هي علاقة وثيقة ومتأصلة، فصاحب السلوك المتطرف أو المنحرف لا يتعامل بالرحمة مع الآخرين ولا يعرف الرأفة، لأنه تعود على الاستجابة الفورية لطلباته وتطلعاته، فهو يريد أن يأمر والجميع ينفذ فقط لا يعرف الحوار ولا يحب التسامح ولا يقبل التعايش إن عجز استخدم دموع التماسيح، وإن تمكن فرض رأيه بالقوة والعنف والقسوة كما تفعل الجماعات المتطرفة.
ويرتبط هذا التدليل الزائد والمبالغ فيه بتكوين عدة صفات أخرى سلبية عند الطفل وتقضى نهائيًا على المثابرة والتحدي وتخلق مشاعر الكراهية والحقد على الآخرين وتجعل الطفل قلق ويستعجل الأمور لأنه تعود على التنفيذ السريع لطلباته، وبالتالي استخدام العنف لأخذ ما يريده أو لإظهار التميّز والتفرد على الآخرين، وبالتالي لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب ومصاعب الحياة، فالتدليل المبالغ فيه هو كالإهمال الشديد في حق الطفل، فالأسلوب السليم في التربية يكون بالتوازن بين المنح والمنع، والشدة واللين.
ويمكن استخدام عدة أساليب وطرق تعزز هذا التوازن، ويمكن لهذه الأساليب أن تعالج ما يحدث من تدليل ومنها الحث والتأكيد ومتابعة قيام الطفل بواجبه ومهامه المكلف بها، ويمكن استثمار وقت الطفل في القيام بالمهام المنزلية وليكن ترتيب أغراضه للتعود على الاعتماد على النفس، وكذلك تعويد الطفل على قول "شكرًا" وغيرها من آداب التحية، وأيضًا التأديب يحمي الطفل من التدليل الزائد ولكن التأديب ليس معناه الضرب الشديد المبرح أو الإهانة، ويجب كذلك ألا يترتب عليه اعتذار الأب والأم والندم على ما فعلاه تجاه الطفل، بل يجب تعريف الطفل بأضرار الخطأ الذي ارتكبه، وكذلك يجب ألا يمدح الطفل على شيء لا يستحقه بل يأخذ التشجيع اللازم والتحفيز المناسب فقط، وكذلك تعليم الطفل قيمة النقود بالموازنة بين الإنفاق والادّخار، وأيضًا تعليم الطفل ثقافة الانتظار.
وأما عن غضب الطفل من عدم تلبية احتياجاته فجأة والتي اعتاد عليها فيجب الحزم معه، ولكن بالتدريج والتهيئة، وتقليلها شيئًا فشيئًا، ومحاولة التنبيه عليه قبل طلبها، ويمكن للأم أو الأب استخدام طرق ذكية لعزوف الطفل عن طلب هذا الشيء فمثلًا لو اعتاد على مشروبات أو مأكولات مضرة وتذمر في أول مرات منعها، يمكن إحضارها ولكن بتعديل طعمها لتكون لا طعم لها ليرفضها الطفل من تلقاء نفسه، وقد رأيت بنفسي حيلة ذكية من أحد الأمهات فكان طفلها مدمن للمياه الغازية فقامت الأم بإحضار العبوة في المنزل وكان الطفل مشتاقًا ليشرب منها فقامت الأم خلسة بإنقاصها وتخفيفها بالماء فعندما شرب منها الطفل كره هذه المياه ورفضها مطلقًا، وكانت حيلة ذكية لتعديل هذا السلوك برغم سذاجته وبساطته.

إعلان