إعلان

''أزمة الصحافة.. أزمة ثقافة''

أيمن الصياد

''أزمة الصحافة.. أزمة ثقافة''

11:09 ص الإثنين 18 أغسطس 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

كتب – سامي مجدي:
وصلت إلى موعدي مع الأستاذ أيمن الصياد مبكرا حوالي ساعة من الزمن، على أمل أن أجلس قليلا وحدي أرتب بعض الأفكار وأطرح في عقلي بعض السؤالات - أو استرجعها - التي تشغلني وأعتقد أنها تشغل بال كل مهتم بالشأن العام المصري وبشكل خاص بالشأن الصحافي، قبل أن نلتقي.

حقيقة لم تكن لدي أفكار محددة أتناقش فيها مع تلك القامة الفكرية المنفتحة على العالم من أقصاه إلى أقصاه، المدركة لقواعد العصر الذي نعيشه، الواعية لحقائق التاريخ والجغرافيا. كنت أظن حتى قبل اللقاء مباشرة أنه لن يتم، فقد تواعدنا أن نلتقي قبلها عدة مرات وفي كل مرة تمنعنا الظروف - وأنا أقدرها - لكن الحظ ابتسم لي هذه المرة والتقيته وجها لوجه بعد أن كنت أستمع اليه في ندوة هنا ولقاء هناك. بالطبع بخلاف مقاله الأسبوعي كل يوم أحد في يومية الشروق، ومطالعة كتاباته في مجلة وجهات نظر بين الحين والآخر (آخرها قبل نحو أسبوع وكان مقال عنوانه: قراءة: ''حرية الصراخ.. وفقط''، ونشره في عدد يوليو تموز 2005. (الرابط: http://www.weghatnazar.com/article/article_details.asp?id=744&issue_id=47

وبينما كنت غارقا في التفكير في كيف أبدأ مع الأستاذ وكيف سيسير النقاش، ألمحه قادما من الناحية الأخرى بنظارته المميزة؛ وقفت واتجهت ناحيته وابتسامة الفرح والانتصار تعلو وجهي. ''أستاذ أيمن.. أنا سامي مجدي''. رحب بي وجلسنا..

لم أعرف كيف أبدأ، وساد الصمت برهة، حتى وجدتني أتحدث بلا أي ترتيب عن ''قائمة أسماء'' كنت قد أعددتها قبل نحو سبع سنوات، لشخصيات في كافة المجالات، تمنيت أن أقابلها في يوم من الأيام، وكان هو أحد تلك الشخصيات يقبع في صفحة على اليمين، تاليا للأستاذ الراحل سلامة أحمد سلامة، رئيس مجلس تحرير يومية الشروق، الذي رحل في صمت عن دنيانا قبل نحو عامين بعد مسيرة حافلة أعطى خلالها صاحبة الجلالة رصيدا يبقى نبراسا لأجيال قادمة – ولنا كصحفيين شباب - في عالم الصحافة الذي يعاني من أزمة ربما تلخصها كلمتين للأستاذ الصياد هما ''أزمة ثقافة''.

استمع الأستاذ بهدوئه المعهود حتى فرغت من حكايتي، وعندما بدأ هو الكلام استأذنته في أن أخرج ورقي وقلمي لأدون بعض النقاط خلال النقاش، رحب قائلا: أحرص دائما على أن تدون. لكن استأذن الضيف أولا فقد لا يحب هو هذه الطريقة، مثلا الأستاذ (محمد حسنين) هيكل لا يمكن أن تدون أمامه شيء، سيقول لك أكتب بعد أن تخرج من عندي، قد تقول له الذاكرة قد لا تسعفني، سيرد عليك: هذه مشكلتك..''.

كانت البداية – وكان يجب أن تكون – عن الصحافة، وسؤال الاستقلال يلح علي منذ فترة، هل فعلا هناك صحافة مستقلة؟ هل فعلا هناك صحافة لا تخضع لسلطة ما أيا كانت هذه السلطة ؟ - سلطة الدولة/ رأس المال/ الإعلانات (سلطة الترافيك / القراءات)؟

لم تكن لدي إجابة محددة على طول ما فكرت في الأمر، قد يكون رد الأستاذ حسم الموضوع بأنه لا استقلال بالمعنى المعروف ''هذا أمر لا يمكن بأي حال من الأحوال ضمانه في العصر الحديث وفقا للمفهوم التقليدي الذي عرف عنه (استقلالية)''.

ويشرح الصياد أن هناك أربعة أطراف أساسية في الصحافة قسمها كالتالي: 1) منتج المحتوى، 2) متلقي المحتوى، 3) مدير/ مالك المحتوى، 4) مدير/ مالك فضاء المحتوى؛ بالإضافة إلى طرف خامس ويلعب – كما يقول 0 دور المراقب وهذا الطرف هو الشخص المعني بالموضوع محل النقاش.

ويضيف أن هذه الأطراف الأربعة (أو الخمسة) مواقفها ليست واحدة، وهي تختلف حسب المصلحة، مشيرا إلى أن الطرف الثاني (المتلقي) هو الذي يمكن أن يكون مستقلا.

وقال أيمن الصياد إن المعنى الأساسي للاستقلال هي ''الاباحة''.

كان الرجل غير متفائل بالوضع الراهن للصحافة والإعلام الرسمي منها وغير الرسمي؛ فالأوضاع كما كانت في عهد مرسي نفس النظرة الشمولية الت يتريد أن يكون الإعلام ''وسيلة إرشاد قومي''، فالرئيس الأسبق محمد مرسي كان يتحدث عن ''الإعلام المتجانس'' و''الإعلام الهادف''، واليوم سمعنا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قال للإعلاميين في لقاءهم الأخير أنه كان يرى عدم التطرق إلى موضوع دار الأيتام في الهرم، التي أحيل صاحبها إلى القضاء بتهمة الاعتداء على الأطفال.

للصياد رؤية ووجهة نظر ربما يختلف معه كثيرون فيها آلا وهي أن الصحافة الرسمية (القومية) تعتبر أكثر استقلالية عن الصحافة الخاصة، على عكس ما يشاع. شرح الصياد فكرته وبرهن عليها بحادثة وقعت مع بداية نشأة ما يسمى الآن بالصحافة الخاصة؛ حيث كانت هناك صحيفة تسمى الميدان صاحبها كان عضوا في مجلس الشعب، وكان أن نشرت صورة للرئيس الراحل أنور السادات مقتولا، فهاج أعضاء المجلس في الجلسة الصباحية التي كان يحضرها صاحب الصحيفة الذي قال: ''لم أرى الصحيفة إلا وأنا قادم في السيارة.. وأقلت رئيس التحرير وأنا قادم''!''.

''تخيل هذا لا يمكن أن يحدث بهذه الطريقة في الصحافة الرسمية. فالصحف الرسمية كان المجلس الأعلى للصحافة يعين رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير، ولم يكن يملك سلطة إقالتهم إلا وفق اجراءات معقدة، وغالبا كان ينتظر حتى تنتهي مدة الأربع سنوات''.

لكن الأمر – كما يقول – يعتمد في جزء أساسي منه على ضمير الصحفي ومهنيته، فلو أن رئيس تحرير الصحيفة الرسمية يتمتع بالمهنية ولديه ضمير فيمكنه أن يكون أكثر استقلالا من الصحف الخاصة التي يملك صاحب رأس المال سلطة مطلقة في فصل/تعيين الصحفيين، كما جرى مع رئيس تحرير الميدان.

لكن أين الأزمة؟ الأزمة – كما يراها الأستاذ الصياد – تكمن في اختلاف الثقافات، واختلاف القوى في مجتمع عن مجتمع اخر؛ فمثلا في البلدان الغربية لا يمكن أن يحدث فصل لرئيس تحرير – مثلا – كما جرى مع رئيس تحرير الميدان، هناك قواعد يلتزم بها صاحب رأس المال قبل الصحفي. ويقول إن اختلاف القوى من طرف إلى طرف يصنع من يمسى ب''الثقافة الإعلامية''، وعلى هذا الأساس يجب أن يكون الحكم، لا أن تأتي بمعايير مجتمع ما لتطبقها على مجتمع اخر ''هذه مسألة تخضع للثقافة. لابد أن تكون هناك ثقافة تخدم حق الآخر في التعبير عن رأيه.. وبالتالي أنت الآن لا تستطيع القول أن لدينا صحافة مستقلة''.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان