إعلان

فاروق الباز للمصريين: لا تعتمدوا على المؤسسات.. والتحقت بـ''ناسا'' مصادفة

11:28 ص الأربعاء 23 أبريل 2014

فاروق الباز

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار- محمد منصور:

سنوات طويلة مرت على مغادرته مصر، حارب كثيرًا من أجل تحقيق حلمه، تقلد العديد من المناصب الهامة، وساهم في صنع إنجاز هائل، قفز بالبشرية إلى عوالم وأماكن مختلفة، الدكتور فاروق الباز، مدير مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن، يفتح قلبه ويحكي لقراء مصراوي عن تجربته الثرية في الحياة والتي قادته لرحلة لم يكُن يتوقعها أوصلته من الأرض إلى القمر وعادت به إلى وطنه الأم ''مصر''.

في البدء.. كيف كانت بداياتك في مصر؟

أنهيت دراساتي الثانوية ولم أتمكن من الالتحاق بكلية الطب، فقد كان حلمي منذ الطفولة أن أصبح جراحًا للمخ والأعصاب، إلا أن مجموعي في الثانوية لم يؤهلني لدراسة الطب، كان الاختيار يقع بين كلية طب الأسنان وكلية العلوم، ففضلت الالتحاق بكلية العلوم جامعة عين شمس، ومنها إلى قسم الجيولوجيا فقد كنت أهوى جمع الأحجار منذ الصغر، وعندما انتهيت وحصلت على البكالوريوس ذهبت إلى الولايات المتحدة، ضمن بعثة مكونة من 5 جيولوجيين مصريين، وعُدت بشهادة الدكتوراة في مجال علوم الجيولوجيا.. إلا أن الوزارة ألحقتني بالعمل في تدريس الكيمياء، رغم أنها ليست مجال التخصص الحاصل عليه.. من هنا قررت السفر إلى الولايات المتحدة للعمل في تخصصي، وبالفعل تمكنت من السفر سرًا إلى الولايات المتحدة في أواخر عام 1966.

وكيف التحقت بالعمل في الوكالة الأمريكية لعلوم الفضاء ''ناسا''؟

عندما وصلت إلى الولايات المتحدة لم يكن هناك ثمة عمل، أرسلت العديد من الرسائل للمؤسسات البحثية الأمريكية دون مُجيب، حتى قرأت إعلانًا في إحدى الصحف عن حاجة الوكالة لمتخصصين في الجيولوجيا القمرية. أرسلت خطابًا إلى الوكالة ليأتي الرد بالإيجاب، كانت صدفة عجيبة، مشمولاً بعرض فوري للعمل، لم أكن وقتها أعرف شيئًا عن الجيولوجيا القمرية، إلا أن حاجتي للوظيفة لم تترك لي أي خيار.. استلمت العمل وقررت التبحر في هذا المجال.

وكيف تمكنت من ملاحقة أعباء العمل وقتها؟

طيلة شهور، عكفت على دراسة جيولوجيا القمر، قرأت العديد من المراجع واطلعت على ألوف الصور، حتي تمكنت في النهاية من تحديد مواقع هبوط للمركبات الفضائية.

وما طبيعة المهام التي أسندت إليك في مهمة الهبوط الأولى؟

مهمتين رئيسيتين.. الأولى هي تدريب الرواد على جمع العينات المطلوبة، وتصوير سطح القمر ووصفه بطريقة جيولوجية، والثانية اختيار موقع الهبوط الأكثر أمنا على سطح القمر.

بعد أكثر من نصف قرن على صعود الإنسان الأول للقمر، كيف تري وضع البحث العلمي في الوطن العربي؟

يجب أن نتعرف بحقيقة أن العرب يتذيلون قائمة الأمم فيما يتعلق بالبحث العلمي، فالدول المتقدمة تنفق أكثر من 2 في المئة من ناتجها القومي على البحث العلمي، هم يستثمرون في العلم، أما نحن فنستثمر في الجهل، فكيف لدولة مثل مصر أن تنفق على البحث العلمي أقل من نصف في المئة من ناتجها القومي؟، هذه النسبة صغيرة جدًا وخصوصًا أن تلك الأموال تذهب معظمها للرواتب والمكافآت، لن نتقدم بتلك الطريقة على الإطلاق، سنبقي في نهاية قاطرة العلم.. نحن نُعاني من عدم تقدير العلوم في بلادنا العربية، وسندفع ثمن ذلك غاليًا.

توليت منصب المستشار العلمي للرئيس السادات قبل نحو 35 عام.. هل عُرض عليك هذا المنصب بعد ذلك؟

الرئيس السادات قام باختياري للعمل كمستشار علمي في الفترة من 1978 إلى 1981، وقتها كنت شابًا وبذلت قصارى جهدي لخدمة بلدي لرد الجميل إليها، قمت بعمل العديد من الدراسات لإقامة مجتمعات عمرانية جديدة في الظهير الصحراوي للمدن المصرية، وقدمت مقترحًا لدراسة المياه الجوفية اعتمادا على تكنولوجيات فضائية، في الوقت الحالي لا أستطيع القيام بهذا العمل المُضني، في موقعي أستطيع خدمة بلدي بصورة أفضل، لدينا الكثير من العلماء الشباب الذين يستطيعون القيام بهذا الدور بشكل رسمي.. غير أنني لا أستطيع ذلك.

بالحديث عن العلماء الشباب، أثارت تصريحاتك بشأن اعتراض الدكتور عصام حجي على اختراع جهاز القوات المسلحة الخاص بعلاج الفيروسات الكثير من اللغط، كيف يُمكنك تفسير هجومك عليه؟

أنا لم أهاجم الدكتور عصام حجي، فهو أحد شباب مصر الواعدين، فقط قلت أن الدكتور حجي لا يستطيع تفسير الأمور الطبية، فمجال تخصصه ليس الطب، هو ليس طبيبًا لتقييم اختراع القوات المسلحة، من سأله ورطه، فهو ليس مختصًا، عندما سمعت رأيه حدثته تليفونيًا أثناء وجودي في الولايات المتحدة، أخبرني أنه ضد الإعلان عن الاختراع بهذه الطريقة، أنا معه في تلك النقطة، ولكنه غير مختص لتقييم الجهاز.

وما هو رأيك الشخصي في الاختراع؟

اعتقد أننا يجب علينا الانتظار لتقييم الوضع، شخصيًا أثق بالقوات المسلحة وبالعقول المصرية، التي تستطيع دون شك تنفيذ مثل هذا الإنجاز.. ولكن علينا الانتظار.

في رأيك.. ما هو الطريق إلى تنمية المجتمعات العربية؟

تقوم الحضارات في أي مكان في العالم عندما تكون هناك ثلاث مقومات، أولا: إنتاج الفائض من الغذاء وليس إنتاج حاجتنا إليه فحسب، ثانيًا: تقسيم العمل بين أفراد المجتمع تقسيما مميزًا وصحيحا، والثالثة هي الحياة الكريمة في المُدن.. بدون تلك المقومات لا حضارة، وبالتالي يجب أن ننتج غذائنا ونوسع رقعة معيشتنا كخطوة أولى في التنمية المستدامة.

قبل سنوات قمت بتقديم دراسة لمشروع ممر التنمية، ما هي ملامح ذلك المشروع؟

جيولوجياً، وجدنا مساحة غرب النيل تسمح لنا التوسع مقدار ثلاث مرات، المشروع يرتكز على فكرة ضرورة خلق واقع جديد للخريطة السكانية في مصر، في عام 2050 سيصل عدد سكان مصر إلى 140 مليون نسمة، أين سيسكن هؤلاء، فكرت في إقامة ممر موازٍ لنهر النيل، يمتد على طول الصحراء الغربية ويبعد عن دلتا النهر بنحو 30 كيلومتر، نقوم بتوصيل المياه من بحيرة ناصر في أنبوب ممتد إلى ساحل البحر المتوسط حتي لا نفقد كميات كبيرة منها بالبخر، ونصل ذلك الممر بالمدن الكبيرة الرئيسية بخطوط سريعة تُمكن ساكني المُدن الجديدة من الوصول إلى أماكنهم الأصلية، وهو الأمر الذي سيحفز السكان على الانتقال إلى المكان الجديد، ذلك المشروع سيضيف 1.5 مليون فدان للرقعة الزراعية المتناقصة باطراد علاوة على توفير مُدن تصلح لأكثر من 60 مليون شخص.

وكم سيتكلف المشروع؟

حوالي 24 مليار دولار.. ما يوازي 148 مليار جنيه مصري... ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن المشروع لن يتم إنجازه قبل 10 سنوات.

تمر الدولة المصرية الآن بأزمة، كيف لها توفير هذا المبلغ؟

يمكن تمويل المشروع بواسطة الاكتتاب العام، نجمع أموال من المصريين، ويمكن أن يساهم العرب في تمويل المشروع... لو استطعنا تجميع مليار واحد من الدولارات من المصريين، سأستطيع تجميع عشرة أضعافهم من العرب وتجميع باقي المبلغ من الشركات الاستثمارية الضخمة.

معارضو المشروع يصفونه بالكارثة، مؤكدين أن الدولة لن تستطيع تمويل مشروع بهذا الحجم وأنه لا يصلح إلا لسكن 2 مليون شخص.. كيف ترد عليهم؟

العلم والحسابات يمكنهم الرد نيابة عني، المشروع مستند على دراسات جيولوجية وعلمية سليمة.. وبالنسبة للتمويل فقد وجدنا الحل سابقًا.

أعددت دراسة كاملة للمشروع في عهد الرئيس السابق مبارك، لماذا لم يتم الشروع في تنفيذه وقتها؟

بالفعل قدمت جميع الأوراق والدراسات لحكومة الدكتور أحمد نظيف، والتي قامت بعمل بحث اقتصادي كامل وعرضته على مركز مصري يضم بين أعضائه 80 خبيرا، إلا أن الحكومة فضلت الصمت، وقامت الثورة بعدها، الفترة الماضية كانت فترة ظلام، وهو لم يتح للحكومات اللاحقة دراسة المشروع بشكل وافي.

قابلت المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية عبد الفتاح السيسي.. هل عرضت عليه المشروع؟

بالطبع، تناقشنا في أمور لها أولوية خاصة بالعلوم والبحث العلمي، علاوة على مشروع ممر التنمية وأمور أخري.

وهل السيسي متحمس للمشروع؟

بالطبع هو متحمس.

وما طبيعة الأمور الأخرى التي نوقشت مع السيسي؟

سيأتي أوان الإعلان عنها في وقت لاحق.

ما نسبة نجاح مشروع ممر التنمية؟

كل المشروعات المبنية على دراسات علمية تنجح بنسب كبيرة؛ فالعلم غالبًا لا يجانبه الصواب.

مشروع ممر التنمية يعتمد على المياه التي ستشح تدريجيًا حال اكمال بناء سد النهضة، كيف تري ذلك؟

قضية السد الإثيوبي قضية أمن قومي، طيلة سنوات ماضية أهملنا التعامل مع عمقنا الإفريقي، نحن ندفع ثمن ذلك الآن، وأرى الحل في التفاوض مع إثيوبيا، قدماء المصريين علموا حملات على إثيوبيا، لأنهم كانوا يعلمون أن النيل يأتي من هناك، هم جيراننا وهذا قدرنا، وعندما تحتاج إثيوبيا لبناء سد يجب أن يكون المصريون أول من يمد لهم يد العون، نحن من نستطيع بناء سدهم والاستفادة منه، لكن مصر الآن ''خربانه''.. ضعيفة ومهزوزة وبالتالي يحاول الجميع ''نهشها''، يجب أن نتصادق مع السودان وأثيوبيا والصومال وإرتيريا فهم ''ولاد الحتة'' بالتعبير الدارج، علاقتنا بهم كانت وطيدة ويجب أن تعود كذلك.

اقتربنا من الانتخابات الرئاسية.. إلى من سيعطي الباز صوته؟

سأعطي صوتي للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي.

لماذا؟

لديه شعبية طاغية، يحبه الشعب، متواضع ويملك الخبرة والحزم، يمكنه بالتأكيد حكم مصر.

هل يجد الدكتور الباز وقتًا لعائلته؟

بالطبع، أعيش مع زوجتي، رزقني الله بأربع بنات، يعشن الآن في الولايات المتحدة الأمريكية، كلٌ في مكان، نحاول الاجتماع في المناسبات والأعياد.

كيف تري مستقبل مصر؟

نعيش الآن أوقات عصيبة، أتمنى أن يحمل المستقبل لمصر الخير، أتمنى ذلك.

ما هي نصيحتك للمصريين؟

لا تعتمدوا على المؤسسات، فمنذ قيام ثورة يوليو وحتي الآن، ونحن نعتمد على مؤسسات ترفع شعارات، العدالة الاجتماعية تعني عندهم أخذ أموال الغني لأنفسهم، والوحدة العربية تعني عندهم الشقاق، يجب أن نعتمد على المبتكرين، نفتح الباب أمام كل من يستطيع تنفيذ ما هو جديد، يجب أن نتعلم التفكير ونرتقي بأنفسنا، علينا أن نُركز على المستقبل ونترك الماضي وراء ظهورنا.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج