إعلان

بعد شهر من الحظر الأمريكي.. كيف تأثرت سوق المحمول في مصر بأزمة هواوي؟

01:08 م الإثنين 24 يونيو 2019

هواوي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- مها صلاح الدين ومحمود عبدالرحمن:

جرافيك: أحمد مولا

أمام فاترينة زجاجية تتراص بداخلها عشرات الهواتف المحمولة، يقف خالد رمزي (22 عامًا) حائرًا، فبعد أشهر من الادخار لشراء هاتف هواوي، تبدل الوضع، وذهب حلمه أدراج الرياح بسبب قرار واشنطن فرض عقوبات على الشركة الصينية.

منتصف الشهر الماضي، أصدر الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، قرارا بإدراج شركة هواوي الصينية، على قائمة الشركات التي تمثل خطراً على الأمن القومي، ومنع الشركات الأمريكية من بيع معدات تكنولوجية لها، خشية الاستفادة منها لغايات التجسس، واصفا الشركة الصينية: "هواوي شيء خطير للغاية، عندما تنظرون إلى ما فعلوه من وجهة نظر أمنية وعسكرية"، وأعطت إدارة ترامب الشركات الأمريكية مهلة 90 يوما، لتطبيق هذا الحظر.

أزمة هواوي أثرت على بيع منتجات الشركة في السوق المصرية، التي تعتبر من أهم الأسواق لمبيعات الشركة، حيث زادت مبيعات الشركة فيها من الهواتف المحمولة بنسبة 156% عام 2016.

الأزمة لعبت دورًا في تغير القرارات الشرائية لـ"خالد رمزي" أحد عملاء هواوي، ومعه آلاف من مستخدمي الهواتف المحمولة في مصر، والتجار، والوكلاء والموزعين، وبائعي الهواتف المستعملة في أزمة.

"هواوي أفضل في السعر والإمكانيات.. لكن أنا خايف" يقول خالد، تغريه العروض والتخفيضات على الهاتف الذي يفضله، لكنه يضطر لشراء غيره خوفا من تعقد الأزمة بين الشركة الصينية وأمريكا.

شركة هواوي تحتل المركز الثاني في سوق الهواتف المحمولة عالمياً ومصرياً، وحققت تقدما ملموسا في مبيعاتها، ففي شهر نوفمبر الماضي تصدرت مبيعات سوق الهواتف الذكية بحصة سوقية قدرها 24.4% بحسب تقرير مؤسسة GFK لمبيعات الربع الثالث للعام الماضي.

والآن، بعد شهر من قرارات المنع والحظر الأمريكية ضدها، إلي أي مدى انعكست الأزمة على سوق المحمول في مصر؟

وكيف تعامل معها التجار والوكلاء والموزعون؟

في شارع عبد العزيز، تتراص المحال التجارية، التي تعلن عن هوايتها بشعار الزهرة الصينية الحمراء مدون أسفلها كلمة Huawei.

داخل أحد هذه المتاجر، وقف عز مصطفى، مسئول المبيعات يشكو مما حل بالمتجر، منذ بداية الأزمة "في الأول كنت ببيع 500 تليفون في الشهر، دلوقتي ببيع من 20 لـ50".

ويصف مصطفى ما يحدث بالكارثة التي حلت على سوق المحمول، يبذل قصارى جهده لإقناع الزبائن بالهاتف الشهير، يمنحهم العديد من الوعود التي تثبت أن الهاتف يدعم جميع التطبيقات، ويمنحهم ضمانات حق الاسترجاع إذا ما حدث بالهاتف أي مشكلة، لكن في أغلب الأحيان يكون لدى المشترى قرار مسبق بأنه لن يشتري هواوي.

حرصت شركة هواوي على إصدار بيان في بداية الأزمة يطمئن عملاءها على أن هواتفهم ستتلقى تحديثات التطبيقات بشكل منتظم، كذلك طمأنت الوكلاء والتجار بشأن الهواتف الجديدة التي في مخازنهم، وأنها لن تتأثر بقرارات الشركات المقاطعة، لكن على أرض الواقع لم يكن الأمر على ما يرام.

رغم أن المتجر الذي يديره "مصطفى" يعمل في العديد من أنواع الهواتف المحمولة المختلفة بخلاف هواوي، إلا أن أزمة الأخير خلفت "الركود ووقف الحال" بحسب وصف مدير المبيعات، "الزبون بقى قلقان ومتردد.. وإحنا كمان قلقانين لأن السوق وقف".

يحاول مصطفى وإدارة المتجر حل الأزمة، يتخذون خطوات نحو ذلك، أولها، بيع مخزون هواتف هواوي الموجودة في المخازن، وعدم شراء أي كميات جديدة "مندوب الشركة لما بييجي بنقوله مش عايزين بضاعة جديدة".

لكن محمود علي، صاحب متجر آخر بنفس الشارع، وجد من زيادة الخصومات والعروض على هواتف هواوي حلًا جزئيًا للأزمة: "نزلنا في الأسعار والمكسب علشان الدنيا تمشي لدرجة إننا بقينا بنحقق هامش ربح بسيط جدًا بعد ما كنا بنحقق مكاسب كبيرة من هواوي".

على الجانب الآخر، غير "علي" آلية تعامله مع الموزعين "قبل كده كنا بندفع كاش وناخد كميات، دلوقتي بقينا بناخد كميات بسيطة وبالتقسيط"، وعلى الرغم من أن آلية التعامل هذه كانت مرفوضة لدى موزعي ووكلاء هواوي في السابق بشكل تام، فهم الآن يقبلون ذلك، بحسب علي.

وبالمقارنة بين الوضع قبل الأزمة وبعدها يقول علي "كنا الأول بناخد 5 كراتين في الأسبوع.. دلوقتي بناخد كرتونة واحدة في الشهر".. جاءت هذه القرارات نتيجة عدة مواقف واجهها صاحب المتجر بعد اندلاع أزمة الشركة الصينية التي تأسست عام 1988، ووصلت حصتها من سوق المحمول عالميا إلى 30% بإجمالي 54.2 مليون هاتف في 2018، وفق نتائج المركز العالمي للبيانات IDC .

واستطاعت هواوي خلق مكانها تنافسية لها في السوق المصري، الأمر الذي جعل "أندرو وليامسون" نائب رئيس الشركة، يقول إن مصر واحدة من ضمن 10 دول حول العالم بها مراكز "هواوي" الإقليمية، والسوق المصرية من أهم الأسواق المستهدفة نصب أعينهم.

لكن الأمر لم يعد كذلك - بحسب محمود علي صاحب المتجر الذي يقول: "فيه ناس اشترت موبايلات هواوي فعلا وبعد ما خبر الأزمة انتشر جت عاوزة ترجعها وتاخد أنواع تانية غيرها".

لم ينكر أشرف محمد، أحد الموزعين المعتمدين لدى هواوي ما صرح به التجار، وقال إن الأزمة انعكست على الموزعين أيضًا؛ الأمر الذي جعله يعيد نسبة من مخزون الهواتف للشركة، ويقلص الكميات الجديدة التي يتسلمها بشكل دوري من 500 جهاز إلى 50 جهازا.

لم يكتفِ محمد وغيره من الموزعين بهذا الموقف فحسب: "إحنا قدمنا تقريرا للشركة بأن المنتج مش بيتباع ومتأثر بأزمة الشركة مع جوجل"، لكنهم لم يحصلوا على أي رد حتى الآن.

محمد طلعت، رئيس شعبة الهواتف المحمولة في الغرفة التجارية بالقاهرة، صاحب سلسلة راديو طلعت، وأحد وكلاء هواوي في مصر، يرى أن أزمة هواوي أثرت في مبيعات التجار والموزعين بنسبة 20%؛ الأمر الذي جعل الشركة تقرر خفض الأسعار في محاولة منها لتخفيف الأزمة، لكنها لا تزال قائمة.

إمهال جوجل 3 أشهر لهواوي لإجراء التحديثات وتشغيل تطبيقات الهواتف جعل هناك بصيص أمل لحل الأزمة، وفقًا لرأي طلعت، لكنه يتابع: "التجار لو الأزمة استمرت ممكن يشتغلوا في منتج تاني.. الشركة لازم تلاقى حل أو هتقفل خالص".

الدكتور يسري زكي، خبير تكنولوجيا المعلومات، يصف أزمة هواوي بأنها صراع بين منتجي الهواتف المحمولة بدول عدة من ضمنها مصر، "المنافسين شايفين إن هواوي أخدت أكبر من حجمها في عالم الموبايلات، وبالتالي خافوا من تأثيرها السلبي عليهم".

يصف زكي وكلاء هواوي والتجار والموزعين في مصر بأنهم حلقة صغيرة تأثرت بأزمة هواوي، والحل الوحيد والسريع لدرء خسارتهم هو البحث عن منتج آخر، حتى لا يتحملوا المزيد من الخسائر والركود.

"الوكيل اللي شغال في هواوي فقط هو الخاسر الأكبر" يحدد زكي، بينما يرى أن الوكلاء المتعاقدين مع أكثر من شركة هم الأوفر حظًا، والأسرع في تجاوز الأزمة.

بينما يرى خبير تكنولوجيا المعلومات الدكتور أسامة مصطفى أن التعاقد الساري بين الوكلاء وشركة هواوي يكفل لهم حق رد الهواتف إذا لم يتم بيعها، الأمر الذي يجعل من الشركة الأم الخاسر الأكبر، لهذا لا بد أن تتنازل الشركة عن بعض من طموحاتها، وأن تسعى بجدية لحل الأزمة، حتى تضمن الاستمرار، ولا تخسر جميع أذرعها التي هي أصغر بكثير من هذه الخسارة.

الأمر الذي جعلنا نتواصل مع شركة هواوي، عبر موقعها الرسمي في الشرق الأوسط، كي نواجهها بحجم الخسائر التي تكبدها الوكلاء والموزعون والتجار في مصر، من وراء الأزمة، ونسأل عن خطوات تجاوز هذه الخسائر، ليأتي الرد الشركة مقتضب: "لقد توصلنا إلي حلول في الخطة طويلة الأجل، ولا يمكننا تأكيد أي خطة مستقبلية إما عن طريق توفير نظام تشغيل جديد أو وضع خطة لذلك، لا يمكننا تأكيد ما إذا كانت الأجهزة الجديدة ستتأثر في الحصول على التحديثات أو استخدام خدمات google بشكل طبيعي، تؤكد لكم أن تصميماتنا الحالية لن تتأثر".

فيديو قد يعجبك: